هنا نشير إلى ظواهر -ما يمكن أن نسميه- التجاذب الشديد, والعنف المضاد، المشكلة كيف تطورت إلى حد عنيف جداً بين الطرفين، فنأتي على حادثة مهمة جداً.
يعترف داروين والداروينيون بأن حلقة مفقودة في سلسلة التطور البشري ما بين القرد والإنسان، هذه الحلقة المفقودة يقرّون بها، وهي التي جعلت الآخرين يقولون: ليس القضية قضية حلقة؛ بل القضية قضية أنه لا يوجد أصلاً سلسلة؛ لكن لما بقيت هذه الحلقة مفقودة كانت ثغرة أو مطعناً أو مدخلاً على الداروينيين أمام خصومهم، فماذا فعلوا؟!
أراد اثنان من علماء الداروينية أن يحلَّا المعضلة فظهرا فجأة وقالا: إنه بالقرب من بلتداون -وهي مدينة في بريطانيا- عثرنا فيها على جمجمة تثبت أو تسد الحلقة والفجوة المفقودة، وهلل الداروينيون في جميع أنحاء العالم بهذا الاكتشاف العظيم، وجاءوا به, ووجدوا أنها تسد الثغرة؛ فلا هي بجمجمة قرد ولا هي جمجمة بشر, وبعد هذا التهليل الطويل والهالة الضخمة التي اتخذتها، راودت الشكوك بعض العلماء أنفسهم وأخذتهم الشكوك في ذلك، فبعد فترة من الزمن وتقدم التحليلات والمعامل والمختبرات، أرادوا أن يتأكدوا من هذه الجمجمة أو هذا الفك، فتبين بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الجمجمة مزورة وملفقة -يعني: مفبركة كما يقولون- وأنها لا حقيقة لها على الإطلاق.
وظهر بذلك أنها بالفعل مجرد عقائد وأهواء وأغراض وخصومات، وليست مبنية على العلم الدقيق المجرد، ثم أصبحت معروفة في تاريخ الجيولوجيا الطبيعية أو الداروينية أو ما أشبه ذلك بأكذوبة أو خدعة بلتداون -نسبوها إلى المدينة- وأنه لا يوجد أبداً بأي شكل من الأشكال ما يسدُّ هذه الثغرة.
طبعاً هذا كان في أول القرن العشرين -قبل حوالي مائة سنة تقريباً أو أقل- لكن الحقيقة أن هناك ما هو أكثر من ذلك، وهذا من حكمة الله -التي سوف نشاهدها نحن في هذه اللقاءات إن شاء الله تبارك وتعالى- أن الزمن يزيد الحق ظهوراً ونصاعة, والزمن يزيد الباطل انكشافاً وزيفاً، سبحان الله! وهذه من حكمة الله تبارك وتعالى ومن رحمته في هذا الكون.
أضف تعليقا
تنويه: يتم نشر التعليقات بعد مراجعتها من قبل إدارة الموقع